144
كتب/أحمدوصفي
احتضنت مدينة الدار البيضاء، يوم الأثنين 7 يوليو 2025، مؤتمرًا دوليًا من العيار الثقيل حمل عنوان: “الذكاء الكفائي من الفكرة إلى الريادة”، في مشهد علمي لافت، ومناخ فكري نابض بالحيوية، نظمه المكتب الإقليمي لأكاديمية بناة المستقبل الدولية لشمال إفريقيا، برعاية جامعة ميريلاند الأمريكية، وبقيادة رائدة التنمية الذاتية ورئيسة الأكاديمية الدكتورة مها فؤاد، التي كانت المحرّك الأساس لهذا الحدث العالمي.
جاءت القاعة الكبرى لفندق موفنبيك المغربي، شاهد على تظاهرة علمية تجاوزت حدود الجغرافيا، لتجمع أكثر من 40 باحثًا وأستاذًا جامعيًا، من تخصصات متنوعة، اجتمعوا على هدف واحد: النهوض بالعقل العربي من خلال أدوات الذكاء الكفائي، وتحويل الأفكار العلمية إلى مشاريع ريادية واقعية تلامس طموحات المجتمعات.
تميزت الدورة بتفعيل نموذج “التعليم التشاركي” لأول مرة في برنامج دبلوم الذكاء الكفائي، وهو ما أضفى على الجلسات طابعًا تفاعليًا وعمليًا عالي المستوى، حيث تحوّلت المنصة إلى مختبر فكري حي، وارتفعت أصوات النقاشات لتصنع موجات من التحفيز والإلهام.
حضر المؤتمر أسماء بارزة في الساحة الأكاديمية العلمية المغربية والعربية، يتقدمهم البروفيسور محمد لهلال، أستاذ التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، الذي تناول في مداخلته مفهوم الفكر الإداري الحديث، وسبل ربطه بالابتكار المؤسسي، كما تألقت الدكتورة سعيدة أملاح، عضو المجلس العلمي المحلي بمراكش، في تحليلها لأبعاد الذكاء الكفائي في البيئة الأكاديمية، والدكتورة سناء عبد الرحيم، القادمة من فاس، والتي تنتظر الأوساط العلمية إصدار سلسلتها العلمية المقبلة بمؤتمر التنوير بالأزهر الشريف.
ومن بين الحضور، سطعت أسماء شابة تؤمن بأن البحث العلمي رسالة ومسؤولية، مثل محمد ياسين المحفوظي من مراكش، ومحمد حممات، وعزيز مولدي من كلية الآداب، وعبدالله شاهب، وعلي دبيت، ومحمد الغوغة، الذين قدموا نماذج تشاركية تليق بالذكاء الكفائي تعكس رؤية جديدة في سماء العلم، إلى جانب فاطمة الزرورة، الباحثة في علوم التغذية من أكادير، والتي طرحت رؤية متكاملة تربط الصحة الذهنية بالذكاء الكفائي.
وكان لمدينة سلا نصيب وافر من الحضور العلمي، تمثل في الدكتورة سناء عبد الرحيم، التي أثرت النقاش بطرحها حول التنمية الذاتية وتعزيز القدرات العقلية، كما أبدع الدكتور علي قرشي القادم من الرباط في شرح علم النفس الإداري وتأثيره على أداء المؤسسات.
ولم يغب البُعد السلوكي عن المؤتمر، إذ أثرت نجية الحفيان الجلسات بتحليلها المتقن لعلوم الإدارة والسلوك، بينما قدّم مولاي ارشيد من زاكورة، خبير إدارة المشاريع والصيانة الصناعية، قراءة تطبيقية لتجربته المهنية ضمن محاور المؤتمر.
وحلّق الحضور في فضاءات القانون والتنمية مع عبداللطيف أبو الأمال من مراكش، ومنير شماريق الذي جمع بين القانون والدبلومات التطبيقية، وتنوّعت المداخلات بفضل الباحثين: نادية الشادي وحنان الشادي، في تخصصات اللوجستيك والعلوم الإنسانية، إلى جانب حفصة عازم، ومولاي يوسف، ومحمد بعوت، والباحث المهندس إبراهيم الصالحي الذي مزج بين الهندسة والتنمية الذاتية، وهشام فاروق الذي قدّم رؤية روحية فريدة عن الذكاء القيمي.
وكان حضور الباحثين من الدار البيضاء مؤثرًا، مثل بوشعيب درهمي، مدير المركب الثقافي بمنطقة الفداء، الذي قدّم لمسة ثقافية راقية، والباحث رضوان بلفلاح من مرس السلطان، الحاصل على دكتوراه في إدارة الأعمال، وبدر الدين خفاجي من باب المريسى، وحسناء آيت اباعلال من آيت عياش، التي أبهرت الحضور بذكاء تحليلي عالٍ.
ومن المشاركات الجديدة، برز اسم مديحة لهاش من الدار البيضاء، التي اعتُبر ظهورها العلمي إضافة واعدة، كما حضر أيضًا مبارك جنان، وعلي قرشي، وخديجو مورو، ونعيمة الواعي، وعبدالرحيم هرا، وعلي دبيت، كلثوم طريق، في تكامل علمي جسّد وحدة الفكر، رغم تنوع المشارب والتخصصات.
الجلسات النقاشية، وورش العمل التي أُقيمت بنظام التعليم التشاركي، شكّلت عصب الحدث، حيث تطرقت إلى موضوعات مثل: “الفكر الإداري الحديث بين العلوم الإنسانية والابتكار المؤسسي”، ودور التأمل والتصور في رفع مستوى الذكاء الذاتي وتطوير الأداء الفردي، وهو ما أكّد عليه الباحثون بشكل عملي وعميق.
في نهاية المؤتمر، عبّرت الدكتورة مها فؤاد عن فخرها بهذا الإنجاز العلمي، مشيدةً بمستوى المشاركات والنقاشات التي طُرحت، وأكدت في كلمتها الختامية أن “أكاديمية بناة المستقبل الدولية” لن تتوقف عن تقديم منصات علمية حقيقية تعيد للعالم العربي مكانته في ساحات التميز الأكاديمي والإبداع المعرفي.
“لقد لمسنا في هذا المؤتمر روح الريادة، وشغف الاكتشاف، وعزيمة التغيير… وهذا هو الذكاء الكفائي الحقيقي”، ختمت د. مها فؤاد كلمتها.