يؤمن صانع المحتوى العراقي جاسم الحجي أن النجاح على وسائل التواصل الاجتماعي لا يأتي من فراغ، بل من فهم عميق للجمهور، وصدق في الطرح، وارتباط حقيقي بالهوية. ويؤكد أن السوشيال ميديا اليوم لم تعد مجرد وسيلة ترفيه، بل أصبحت نافذة واسعة للتأثير وصناعة الرسائل وتوثيق الثقافة.
من خلال تجربته، يرى الحجي أن من يمتلك المهارات الصحيحة، ويعرف كيف يحكي القصة بلغة الناس، يستطيع أن يبرز ويصنع له مكانًا في عالم مزدحم بالمحتوى. ويضيف أن الصدق هو العامل الفاصل بين المحتوى العابر والمحتوى الباقي، مشددًا على أن “الجمهور ينجذب إلى ما يُشبهه… إلى من يحاكي يومه وهمّه وفرحته بلغته”.
ويشير الحجي، المعروف باسمه الكامل جاسم عبد الواحد علي حسين، إلى أن الحفاظ على الثقافة العربية وسط الزخم الرقمي العالمي مهمة صعبة ولكنها ضرورية. ويقول إن عام 2025 يفرض علينا مسؤولية مضاعفة في دعم التراث العربي، من خلال التعليم والإعلام الرقمي، داعيًا إلى تضمين المحتوى الثقافي في المناهج الدراسية، واستثمار السوشيال ميديا لنشر الوعي بالموروث الشعبي.
بدأت رحلة الحجي من مشروع بسيط لتوثيق تفاصيل الحياة اليومية والتراث، وسرعان ما تحوّلت إلى تجربة مؤثرة جذبت الملايين. أسلوبه السلس ولغته التي تمزج بين الفصحى واللهجة العراقية منحاه هوية خاصة، جعلته يدخل البيوت من أوسع أبوابها دون تكلّف أو تصنّع.
يوثق الحجي مشاهد من الحياة التي باتت نادرة في المدن الحديثة، مثل الأسواق الشعبية، وطرق البيع القديمة، والمهن التراثية، والصناعات الحرفية، وحتى البيوت الطينية. ويهدف من ذلك إلى حفظ هذه الذاكرة من الاندثار، وتقديمها للأجيال القادمة بشكل بسيط ومحبب.
اليوم، يعد جاسم الحجي من أبرز صنّاع المحتوى في العراق والعالم العربي على منصة تيك توك، حيث تجاوز عدد متابعيه 1.1 مليون شخص، وجمعت مقاطعه أكثر من 26 مليون إعجاب. اسمه بات مألوفًا لمتابعي المحتوى الإنساني والتراثي، ومثالًا على أن البساطة والصدق ما زالا يحققان النجاح وسط الزحام الرقمي.
ويرى الحجي أن ظهوره ليس تمثيلًا ولا أداءً، بل هو انعكاس حقيقي لشخصيته، حيث يتناول القضايا اليومية بهموم الناس وبأسلوب يشبههم. يقدّم نفسه كابن البيئة العراقية، بتفاصيلها الريفية والصحراوية، ويشارك جمهوره لحظات من رحلات الصيد، ومقاطع غنائية بصوته، ومشاهد فكاهية لا تخلو من رسائل واقعية.
تميزت بعض فيديوهاته بتفاعل ضخم، حيث تخطّت مشاهدات بعض المقاطع أكثر من 280 ألف إعجاب، خاصة تلك التي تتناول مغامراته في البر أو توثيقه لمهن قديمة بدأت تختفي من المشهد العراقي، مؤكدًا بذلك أن هناك جمهورًا كبيرًا يبحث عن الأصالة في زمن السرعة.