قانون الإيجارات القديمة.. هل نحن على أعتاب تغيير جذري؟
بقلم: المستشار/ أحمد محمد أبوزيد
مستشار قانوني ومحامٍ بالنقض
لا يزال قانون الإيجارات القديمة يشغل حيزًا كبيرًا من النقاش المجتمعي والبرلماني، وسط مطالبات متزايدة بإعادة النظر في العلاقة بين المالك والمستأجر، التي ظلت لسنوات طويلة محكومة بتوازن مختل لم يتغير منذ عقود.
فالقانون الحالي، والذي يعود بجذوره إلى ما قبل ثورة يوليو 1952، جعل كثيرًا من الملاك محرومين فعليًا من حقهم في الانتفاع الحقيقي بممتلكاتهم، في مقابل تمسك المستأجرين بحقوق اكتسبوها بموجب قوانين استثنائية
• كما أن المشكله تكمن في أنه علي سبيل المثال شقة في وسط البلد مؤجرة منذ 40 سنة بـ7 جنيهات شهريًا، لا تزال خاضعة لنظام الإيجار القديم رغم تغير الأسعار والأوضاع الاقتصادية.
• المالك لا يستطيع استرداد وحدته أو زيادة الإيجار.
• المستأجر يورث الوحدة لأبنائه حتى الجيل الثالث.
⚖️ والسؤال الذي يطرح نفسه هل هناك تعديل قانوني قادم؟
في عام 2022، أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمًا تاريخيًا بعدم دستورية بعض أحكام القانون القديم، واعتبرت أن استمرار العلاقة الإيجارية دون سقف زمني يُعد افتئاتًا على حق الملكية الذي كفله الدستور
وقد ناقش مجلس النواب في جلسات متتالية مقترحات بتعديل القانون، خاصة فيما يخص:
• حصر العقود غير السكنية.
• وضع مدة انتقالية لا تتجاوز 5 سنوات.
• تحديد زيادات تدريجية في القيمة الإيجارية.
• حالات الإخلاء بعد الوفاة وعدم الامتداد التلقائي.
إلا أن الجدل لا يزال مستمرًا، خاصة في ظل تمسُّك قطاع واسع من المستأجرين بحقوقهم القديمة، واعتبار أن التعديلات المقترحة تمثل تهديدًا للاستقرار الأسري والاجتماعي.
كما يرى المستشار أحمد أبوزيد –
أن أزمة الإيجارات القديمة لا يمكن حلّها بشكل منفصل عن ثلاث زوايا مترابطة:
🔷 من وجهة نظر القانون:
العقد شريعة المتعاقدين، ولكن استمرار العلاقة الإيجارية إلى ما لا نهاية دون مقابل عادل، يمثل إخلالًا بمبدأ الموازنة بين الحقوق والواجبات، ويتعارض مع المبادئ الدستورية لحماية الملكية الخاصة. ومن هنا، فإن التعديل القانوني أصبح ضرورة لا ترفًا، بشرط أن يُراعي البُعد الإنساني والاجتماعي.
🔷 من وجهة نظر المجتمع:
الشارع المصري منقسم بين طرفين: ملاك يشعرون بالظلم والحرمان من حقهم في استغلال أملاكهم، ومستأجرين يرون أن هذه المساكن هي مأواهم منذ عشرات السنين ولا يمكن طردهم منها فجأة. وهذا يتطلب حلولًا انتقالية واقعية تحفظ كرامة الساكن، وتُعيد الحق للمالك تدريجيًا.
🔷 من وجهة نظر شخصية:
إن الحل لا يكمن في الانحياز لطرف على حساب الآخر، بل في صياغة قانون جديد يُراعي التدرج، ويحقق التوازن، ويمنح فترة زمنية للمواءمة. فالقانون الناجح هو الذي يطبق العدالة دون أن يهدم الاستقرار، ويصلح الخطأ دون أن يخلق كارثة جديدة.
كما أكد المستشار ” أبوزيد ” أننا نعيش اليوم لحظة قانونية دقيقة تستدعي الحكمة لا الحدة، والإنصاف لا الانحياز.
فالإيجار القديم ليس مجرد قانون، بل هو عقد اجتماعي يجب إعادة صياغته بما يحقق المصلحة العامة والعدالة الخاصة، ويحفظ التوازن بين أطراف العلاقة في ضوء متغيرات الواقع